02‏/04‏/2009

مخاطر الإتفاقية السورية-الألمانية حول إعادة اللاجئين

بشيرة عبدي

أبو عزيز رجل كوردي في الخمسينات من عمره ولكنه يبدو أكبر من ذلك. رحل الرجل بعائلته سنة 2000 من سوريا هاربا من الظلم والملاحقات التي تعرضت لها الأسرة من قبل أجهزة الأمن السورية بسبب نشاطات إبنه عزيز السياسية.

إلتجأت عائلة أبو عزيز الكبيرة المكونة من 10 أشخاص إلى ألمانيا، حيث رزقهم الله فيها بالطفل التاسع. وكانت العائلة تحت تلك الضغوط الأمنية القاسية وظروف الخوف قد إضطرت إلى بيع البيت الوحيد الذي كانت تسكنه بكل ما فيه من أغراض وأثات وأواني، لتستطيع العرب بجلدها واللجوء إلى أوروبا حيث الأمان المنتظر.
وهنا في ألمانيا وبعد سنين من الأخذ والرد حصلت العائلة على الإقامة وأمضت بضعة سنوات من الهدوء والسكينة، إلى أن جاءت الإتفاقية السورية –الألمانية المشؤومة بشأن إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا. حينذاك رفضت إدارة بلدية منطقة كوتينغن فجأة وبعد كل هذه السنين تمديد إقامات أفراد العائلة وحددت لهم مهلة حتى نهاية شهر آذار 2009 من أجل مغادرة الأراضي الألمانية.

يقول أبو عزيز: إن عدم تمديد إقاماتنا كان صدمة كبيرة غير متوقعة لنا. ولكن يبدوا أنه قدرنا وخصوصا أن المهلة المحددة لنا تنتهي في شهر آذار المعروف لنا نحن الكورد بمآسيه وآلامه.

ويضيف السيد أبو عزيز قائلا: لا أدري ما العمل الآن. زوجتي وأنا لا نستطيع النوم. إننا نفكر ليل نهار بحال أطفالنا وما سيجري لهم إذا أعادونا إلى سوريا. لقد تعلم أولادنا اللغة الألمانية وخصوصا الصغار منهم. إنهم يجيدون الألمانية أفضل من لغتنا الأم الكوردية. وأما اللغة العربية التي هي اللغة الرسمية في سوريا فلا يجيدها أطفالنا، لا كلاما، ولا كتابة ولا قراءة. سيخسر أطفالنا مستقبلهم ودراستهم. يتعلم الأولاد الصغار هنا في المدارس الجيدة (الغيمنازيوم) ومستواهم الدراسي ممتاز. إذا حصل وتم إعادتنا إلى سوريا فسوف ينتهي ذلك، لأنهم لا يجيدون لغة الدراسة الرسمية في سوريا ولن يكون تعليمهم بالمستوى الذي هو عليه الآن. أخشى أن تنتهي دراستهم عند هذا الحد ويبقون بدون شهادات.

المشكلة الأكبر التي تثير القلق والأرق لدى عائلة أبو عزيز هو عدم وجود مأوى يعودون إليه، فهل ستبات العائلة في الشوارع أو في خيمة في العراء؟ فليس لهم بيت يأويهم. وحتى عند الأقارب لا تستطيع هذه العائلة الكبيرة أن تسكن لفترة طويلة، فأي قريب يستطيع تحمل هذا العدد الكبير من ألأفراد في بيته.

يخشى أبو عزيز وأم عزيز كذلك من تفكك أواصر العائلة وتشتتها إذا تم تنفيذ التهديد بالتسفير. هذا الأمر يسبب لأبو عزيز وزوجته الأرق والخوف المستمر وبالتالي ضغوطات نفسية لا تحتمل. فقد تزوج إبنه عزيز في أوروبا وكذلك إبنته الكبرى فقد تزوجت وكونت عائلة ولها أطفال هنا. وكما أن للأولاد الآخرين إرتباطات وصداقات ولن يرغبوا يالعودوا إلى الوطن، وهذا يعني أنه في حال إعادته إلى ألمانيا فسوف لن يحلم برؤية أولاده وأحفاده أو بعضا منهم بعد الآن، وخصوصا أنه مجرد من الجنسية السورية بموجب إحصاء سنة 1962 وليس لديه أوراق سفر نظامية كباقي المواطنين.

يتطلع أبو عزيز بأمل وخوف إلى المستقبل. خوف من الضياع والحرمان وأمل في أن تسمع السماء لدعائه وزوجته ويتم إلغاء هذه الإتفاقية الظالمة، التي تريد تسليم المظلومين إلى يد الظالم، دون أخذ الحقوق القومية أو الإنسانية المشروعة للشعب الكوردي بعين الإعتبار. مهنا يتسائل أبو عزيز، إن كانت ألمانيا تريد المساهمة من جديد في الظلم الذي يلحق بالكورد؟ أليس من الأفضل للدولة الألمانية أن تكف عن دعم الظالمين ضد الشعب الكوردي المضطهد، كما حصل عندما تم تزويد النظام العراقي السابق بالأسلحة الكيماوية التي إستعملت في كوردستان وكذلك في تركيا إلخ.

أبو عزيز يطمح مثل أي إنسان كوردي بسيط أن تثبت الحكومة الألمانية بأنها تؤمن وتلتزم بالمواثيق الدولية حول حقوق الإنسان و تمنع تسفير أي شخص إلى أي دولة يتعرض فيها إلى التمييز والظلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق