31‏/12‏/2010

Sala 2011`an li we pîroz be

Sala 2011 li miletê Kurd û cihanê pîroz be

28‏/12‏/2010

العباسيون قتلوا خمسين ألفا من أهل دمشق وجعلوا من المسجد الأموي إسطبلاً لخيولهم




شبكة صوت كوردستان
لكي لا يخدعنا بعضهم :
هل كان تاريخنا ماضيا سعيدا؟

سيد القمني


معاوية بن أبي سفيان وولده يزيد لم يمنعهما إسلامهما من قتال آل بيت الرسول وجز رأس الحسين، الحجاج بن يوسف الثقفي اعدم من العراقيين مئة وعشرين ألفا واستباح نساء المسلمين ,العباسيون قتلوا خمسين ألفا من أهل دمشق وجعلوا من المسجد الأموي إسطبلاً لخيولهم.
هل كان ممكناً أن ترتج أجهزة الدولة كلها مستجيبة لاستغاثة مواطن يعاني القهر والظلم في بلاد المسلمين على يد المسلمين، في الإمبراطورية الإسلامية العظمى الغابرة، كما ارتجت وتحركت بعدّتها وجيوشها في القصة الأسطورية استجابةً لصرخة امرأة مجهولة منكورة لا نعرف من هي، وهي تنادي الخليفة من على الحدود عندما اعتدى عليها بعض الروم: "وامعتصماه"؟!.
إن هذا النموذج من القصص يريد أن يعلن مدى اهتمام الدولة جميعها بمواطنٍ فردٍ يعاني أزمة، وهو ما يستثير الخيال العربي المقموع ويدفعه إلى محاولة استعادة هذه الدولة الأبية التي كانت تردع الأعادي بكل فخرٍ ومجدٍ كما كانت تنشغل بالمواطن الفرد كل الانشغال، حتى بات عزيزاً كريماً مرهوب الجانب أينما كان. لكن بين القص الأسطوري وبين ما كان يحدث في الواقع مفارقات لا تلتئم أبداً، ولا تلتقي أبدا. والنماذج على ذلك أكثر من أن تحصيها مقالة كهذي، بل تحتاج إلى مجلدات من الكتب. لكن يكفينا هنا اليسير منها لنكتشف هل كانت ثقافة "وامعتصماه" أمراً حقيقياً فاعلاً في الواقع أم أنها مجرد قصة لرفع الشعارات دون الفعل وليس أكثر، كالعادة العربية المعلومة! خاصة أن هذه الدولة العزيزة بمواطنها الكريم هي الدولة النموذج التي يطلبها اليوم المتأسلمون على كافة فصائلهم وأطيافهم، ويزينونها للناظرين بقصٍّ كهذا عادة ما يبدأ بمسئولية الخليفة الراشد وهو في يثرب عن دابة لو عثرت بالعراق.
وينتهي بالحفل البانورامي حول احتلال "عمّورية" انتقاماً للفرد العربي الأبي حتى لو كان امرأة! مع علمنا بحال المرأة قياساً على الرجل في تراثنا.
لقد صرخت القبائل العربية في الجزيرة منذ فجر الخلافة "وإسلاماه" تستغيث بالمسلمين لردع جيوش الدولة عن ذبحها وسبي حريمها وأطفالها لبيعهم في أسواق النخاسة، تلك القبائل التي تمسكت بحقها الذي أعطاه لها ربها بالقرآن في الشورى والمشاركة الفاعلة في العمل السياسي. فرفضت خلافة أبي بكر"الفلتة" بتعبير عمر بن الخطاب لأنها تمت بدون مشورتهم ولا ترشيح احد منهم ولا أخذ رأيهم، فامتنعوا عن أداء ضريبة المال للعاصمة تعبيراً عن موقفهم، لكنهم عملوا برأي الإسلام فجمعوا الزكاة ووزعوها على فقرائهم في مضاربهم التزاماً بهذا الركن الإسلامي بجوار صلاتهم وصيامهم وقيامهم بقية الأركان المطلوبة. فلم يعفها ذلك من جزِّ الرقاب والحصد بالسيف. والصراع هنا لم يكن حول الإيمان والكفر، بل كان الشأن شان سياسة دنيوية لا علاقة لها بالدين.
ورغم الجميع فقد تواطأ السَّدنة مع السلطان ضد تلك القبائل ليؤسسوا في التاريخ المذهب السنِّي الذي وجد فرصته في مكان سيادي بجوار الحاكم، فقام بتحويل الخلاف السياسي إلى خلاف ديني، واعتبر أن محاربة هؤلاء واجب ديني لأنهم قد كفروا وارتدوا عن الإسلام لا لشيءٍ، إلا لأن هكذا كان قرار الخليفة؛ ولأن هذا الخليفة كان "الصدِّيق" صاحب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وصهره ووزيره الأول. فالبسوا الخليفة أولاً ثوب القدسية ولو ضد منطق الإسلام الذي لا يقدس بشراً، ثم البسوا القرار قدسية الخليفة، ثم أصدروا قرارهم بتكفير هذه القبائل بتهمة الردة عن الإسلام لأنها حسب القرار البكري قد "فرَّقت بين الصلاة وبين الزكاة"، وهو أمرٌ فيه نظر من وجهة نظر الشرع لا تبيح قتالهم ولا قتلهم. لذلك تم تدعيم القرار بأن تلك القبائل قد خرجت على رأي الجماعة وخالفته وهو اختراع آخر كان كفيلاً بوصمها بالارتداد منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
وهكذا، ومنذ فجر الخلافة جلس الفقيه في معية السلطان يصوغان لنا إسلامنا، إسلام يؤسلم ويكفّر حسب مدى التزام المواطن بالمذهب السيد الذي هو مذهب السدنة والسلطان وأولي الأمر، وطاعتهم أمر رباني وفرض سماوي. ومنذ خرجت جيوش أبي بكر تحارب تاركي الزكاة تحت اسم الدين والصواب الديني، أصبح معنى أن تخرج جيوش المسلمين لتحارب الكفار "غير حروب الفتوحات". إنها خارجة للقضاء على المعترضين أو المخالفين في الرأي السياسي الذي تتم إحالته إلى الدين، حتى يتم الذبح والحرق والسبي باسم الدين وليس لخلاف سياسي.
ونظرة عجلى على تاريخ العرب المسلمين ستكتشف أن مقابل "وامعتصماه" الأسطورية، ألف "وإسلاماه" كان جوابها مختلفا. وبلغ الأمر غاية وضوحه في زمن عثمان بن عفان الذي فتق بطن عمّار بن ياسر ضرباً وركلاً، وكسر أضلاع إبن مسعود حِبِّ رسول الله، ونفى أبا ذر إلى الربذة، فقتل المسلمون خليفتهم، وتم قتله بيد صحابة وأبناء صحابة. ومن بعدها خرجت الفرق الإسلامية تحارب بعضها بعضا وتكفّر بعضها بعضا، حتى مات حول جمل عائشة خمسة عشر ألف مسلم، ومن بعدهم مائة ألف وعشرة من المسلمين في صفّين، لا تعلم من فيهم من يمكن أن نصفه بالشهيد ومن فيهم من يمكن أن نصفه بالظالم المفتري!
أما عن زمن معاوية وولده يزيد فحدث ولا حرج عما جرى لآل بيت الرسول، وكيف تم جز رأس الحسين لترسل إلى العاصمة، وكيف تم غرس رأس زيد بن علي في رمح ثم غرسه بدوره فوق قبر جده رسول الله!. وإن ينسى المسلمون السُّنة، فإنَّ بقية الفرق لا تنسى هذه الأحداث الجسام التي فرَّقتْ المسلمين فرقاً وشيعاً، كلها تمسَّحتْ بالدين وكان الشأن شأن سياسة ودنيا وسلطان.
وإن ينسى المسلمون أو يتناسوا فان التاريخ يقرع أسماعنا بجملة مسلم بن عقبة المري لتأديب مدينة رسول الله "يثرب" ومن فيها من الصحابة والتابعين بأمر الخليفة القرشي يزيد بن معاوية. فقتل من قتل في وقعة الحرة التي هي من كبرى مخازينا التاريخية، إذ استباح الجيش نساء المدينة أياما ثلاثة حبلت فيها ألف عذراءٍ من سفاح واغتصاب علني وهن المسلمات الصحابيات وبنات الصحابة والصحابيات.
أما زياد بن أبيه، والي الأمويين على إقليم العراق، فقد شرَّع القتل بالظنة والشبهة حتى لو مات الأبرياء إخافة للمذنب، وشرَّع قتل النساء. أما نائبه الصحابي "سمرة بن جندب" فان يديه قد تلوثتا فقط بدماء ثمانية آلاف من أهل العراق على الظن والشبهة، بل اتخذ تطبيق الحدود الإسلامية شكلاً ساخراً يعبر عن تحكم القوة لا حكم الدين، كما في حال "المسود بن مخرمة" الذي نددَّ بشرب الخليفة للخمر، فأمر الخليفة بإقامة الحد إحقاقاً للشرع لكن على المسود بن مخرمة.
ثم لا تندهش لأفاعيل السلطة وشهوتها في التقوى والأتقياء. فهذا الملقب بـ"حمامة المسجد" عبد الملك بن مروان لكثرة مكوثه في المسجد وطول قراءاته للقران وتهجده ليل نهار، يأتيه خبر أنه قد أصبح الخليفة فيغلق القران ويقول له: "هذا آخر العهد بك"، ثم يقف في الناس خطيباً فيقول:"والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا وإلا ضربتُ عنقه".
ولابد أن يجد الحجاج بن يوسف الثقفي هنا ولو إشارة؛ لأنه كان المشير على الخليفة؛ ولأنه من قام على إصدار النسخة الأخيرة من القرآن بعد أن عكف مع علماء الأمة على تصويب الإصدار العثماني وتشكيله وتنقيطه بإشراف شخصي دائم منه، ولم يثبت عليه حب الخمر أو اللهو. لكنه كان أيضا هو الرجل الذي ولغ في دماء المسلمين، وكانت مخالفته في أهون الشئون تعني قص الرقبة، فهو الذي قال:"والله لا آمر أحدا أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيخرج من الذي يليه إلا ضربت عنقه". وهو أحد خمسة ذكرهم عمر بن عبد العزيز قبل خلافته في قوله: "الحجاج بالعراق والوليد بالشام وقرة بمصر وعثمان بالمدينة وخالد بمكة، اللهم قد امتلأت الدنيا ظلما وجورا".
وقد سار الحجاج على سنَّة سلفه زياد في إعدام النساء والقبض على أهل المطلوب حتى يسلم نفسه، ومنع التجمهر، وإنزال الجنود في بيوت الناس ووسط العائلات يلغون في الشرف كيفما شاءوا إذلالاً للناس وكسرا لإنسانيتهم، حتى انه أعدم من العراقيين في عشرين سنة هي مدة ولايته مائة وعشرين ألفا من الناس بقطع الرأس بالسيف أو الذبح من القفا أو الرقبة، دون أن نعرف من هم هؤلاء الناس ولماذا ذبحوا اللهم إلا على الاحتجاج على ضياع كرامة الإنسان، أو لمجرد الشبهة والظن.
وقد وجد هؤلاء السادة في الذبح والحرق لذة وسعادة، بل فكاهة دموية. ففي فتوح جرجان سال أهل مدينة طمسية قائد المسلمين سعيد بن العاص بن عم الخليفة القائم عثمان بن عفان الأمان، مقابل استسلامهم على ألا يقتل منهم رجلاً واحداً، ووافق القائد سعيد ففتحوا له حصونهم فقرر الرجل أن يمزح ويلهو ويضحك، فقتلهم جميعا إلا رجل واحد!
وعندما وصل العباسيون إلى السلطة بدأوا حملة تطهير واسعة شملت من مواطني دمشق خمسين ألفا تم ذبحهم، وجعلوا من المسجد الأموي إسطبلاً لخيولهم. ولما استقام لهم الأمر استمروا على النهج الأموي في ظلم العباد وقهر آدمية الإنسان، وهو ما كان يدفع إلى ثورات، تنتهي بشي الثوار على نيران هادئة، أو بمواجهتهم للضواري في احتفالات رومانية الطابع.
وهكذا كان الإنسان سواءً مواطناً عادياً كان، أم كان في جيوش السلطان، في مقتطفات سريعة موجزة مكثفة من تاريخنا السعيد وزماننا الذهبي الذي يريد الدكتور محمد عمارة استعادته، لماذا؟ يقول لنا تحت عنوان "مميزات الدولة الإسلامية"، إن الشريعة الإسلامية فيها "تفوقت على غيرها من كل الشرائع والحضارات والقوانين الدولية، في أنها جعلت القتال والحرب استثناء مكروها لا يلجا إليه المسلمون إلا للضرورة القصوى". لذلك يرى الدكتور عمارة: "أن الدولة الإسلامية لم تخرج عن هذا المنهاج السلمي، حتى تضمن الدولة للمؤمنين حرية العيش الآمن في الأوطان التي يعيشون فيها"- مقالاته الحروب الدينية والأديان السماوية 7،8".
لكن ماذا عند سيادة الدكتور ليقوله بشان تلك الجسام الجلل في تاريخ ما يسميه الدولة الإسلامية؟!.
هذه دولتهم الإسلامية التي يريدون استعادتها لإقامة الخلافة مرة أخرى لتحرير فلسطين والعراق وإعادة الإمبراطورية القوية مرة أخرى. لقد كان زمنا ذهبيا بكل المعاني الذهبية بالنسبة للسادة الفاتحين الغزاة الحاكمين وحواشيهم من سدنة الدين وتجار البشرية، لكنه كان زمانا تعسا بائسا دمويا بالنسبة للمحكومين المغزوين المفتوحين.
وإذا قيل هنا أن ذلك كان منطق ذلك العصر، فلا خلاف أبداً حول قول القائل. وإذا قيل إنه لا يصح محاكمة ذلك الزمان بذوق زماننا الأخلاقي، أيضا ليس ثمة خلاف. لكن الخلاف ينشأ فور القول باستعادة هذا الشكل من الحكم والأنظمة بحسبانها الأمل والمرتجى. هنا لابد أن نحاكمها بذوق أيامنا، لنرى إن كانت هي الحلم المنشود والأمل المفقود، أم ستكون هي الختام لخير أمة أخرجت للأنام!
نشر المقال في مجلة "روز اليوسف"

23‏/12‏/2010

الديك. نزار قباني’

قصيدة عنترة

30‏/11‏/2010

ليس للكردي إلا الريح !!!!

محمود درويش - فلسطين

محمود درويش

يتذكر الكرديُّ حين أزوره ، غده ..

فيبعده بمكنسة الغبار : إليك عني !

فالجبال هي الجبال. ويشرب الفودكا

لكي يبقى الخيال على الحياد: أنا

المسافر في مجازي، و الكراكيّ الشقية

إخوتي الحمقى. وينفض عن هويته

الظلال: هويتي لغتي. أنا.. و أنا.

أنا لغتي. أنا المنفي في لغتي.

وقلبي جمرة الكردي فوق جباله الزرقاء ../

كل مدينة أخرى. على دراجة

حمل الجهات، وقال: أسكن أينما

وقعت بي الجهة الأخيرة. هكذا

اختارَ الفراغ ونام. لم يحلم

بشيء منذ حل الجن في كلماته،

(كلماته عضلاته. عضلاته لكمانه)

فالحالمون يقدسون الأمسَ، أو

يرشون بواب الغد الذهبي..

لا غد لي ولا أمس. الهنيهة

ساحتي البيضاء../

منزله نظيف مثل عين الديك ..

منسيّ كخيمة سيد القوم الذين

تبعثروا كالريش. سجاد من الصوف

المجعد. معجمٌ متآكل. كتب مجلدة

على عجل. مخدات مطرزة بإبرة

خادم المقهى. سكاكين مجلخة لذبح

الطير و الخنزير. فيديو للاباحيات.

باقات من الشوك المعادل للبلاغة.

شرفة مفتوحة للاستعارة. ها هنا

يتبادل الأتراك والإغريق أدوار

الشتائم. تلك تسليتي وتسلية

الجنود الساهرين على حدود فكاهة

سوداء../

ليس مسافرا هذا المسافر، كيفما اتفق..

الشمال هو الجنوب، الشرق غربٌ

في السراب. ولا حقائب للرياح،

ولا وظيفة للغبار. كأنه يخفي

الحنين الى سواه، فلا يغني .. لا

يغني حين يدخل ظله شجر الأكاسيا،

أو يبلل شعره مطر خفيف..

بل يناجي الذئب، يسأله النزال :

تعال يا ابن الكلب نقرع طبل

هذا الليل حتى نوقظ الموتى. فإن

الكرد يقتربون من نار الحقيقة،

ثم يحترقون مثل فراشة الشعراء/

يعرف ما يريد من المعاني. كلها

عبثٌ. وللكلمات حيلتها لصيد نقيضها،

عبثاً. يفضّ بكارة الكلمات ثم يعيدها

بكراً الى قاموسه. ويسوس خيل

الأبجدية كالخراف الى مكيدته، ويحلق

عانة اللغة : انتقمت من الغياب.

فعلتُ ما فعل الضبابُ بإخوتي.

وشويت قلبي كالطريدة.

لن أكون كما أريد. ولن أحب الأرض أكثر

أو أقل من القصيدة. ليس

للكردي إلا الريح تسكنه ويسكنها.

وتدمنه ويدمنها، لينجو من

صفات الأرض والأشياء ../

كان يخاطب المجهول: يا ابني الحر !

يا كبش المتاه السرمدي. إذا رأيتَ

أباك مشنوقاً فلا تنزله عن حبل

السماء، ولا تكفنه بقطن نشيدك

الرعوي. لا تدفنه يا ابني، فالرياح

وصية الكردي للكردي في منفاه،

يا ابني .. و النسور كثيرة حولي

وحولك في الأناضول الفسيح.

جنازتي سرية رمزيةٌ، فخذ الهباءَ

الى مصائره، وجر! سماءك الأولى

الى قاموسك السحري. واحذر

لدغة الأمل الجريح، فإنه وحشٌ

خرافيٌ. وأنت الآن .. أنت الآن

حرّ، يا ابن نفسك، أنت حرَ

من أبيك ولعنة الأسماء../

باللغة انتصرتَ على الهوية

قلتُ للكردي، باللغة انتقمتَ

من الغياب

فقال : لن أمضي الى الصحراء

قلت ولا أنا..

ونظرتُ نحو الريح/

- عمتَ مساء

- عم مساء!

28‏/11‏/2010

أنا يوسف يا أبي. محمود درويش

محمود درويش - فلسطين


أَنا يوسفٌ يا أَبي.
يا أَبي، إخوتي لا يحبُّونني،
لا يريدونني بينهم يا أَبي.

يَعتدُون عليَّ ويرمُونني بالحصى والكلامِ
يرِيدونني أَن أَموت لكي يمدحُوني
وهم أَوصدُوا باب بيتك دوني
وهم طردوني من الحقلِ
هم سمَّمُوا عنبي يا أَبي
وهم حطَّمُوا لُعبي يا أَبي

حين مرَّ النَّسيمُ ولاعب شعرِي
غاروا وثارُوا عليَّ وثاروا عليك،
فماذا صنعتُ لهم يا أَبي؟
الفراشات حطَّتْ على كتفيَّ،
ومالت عليَّ السَّنابلُ،
والطَّيْرُ حطَّتْ على راحتيَّ
فماذا فعَلْتُ أَنا يا أَبي،
ولماذا أَنا?

أَنتَ سمَّيتني يُوسُفًا،
وهُمُو أَوقعُونيَ في الجُبِّ، واتَّهموا الذِّئب;
والذِّئبُ أَرحمُ من إخوتي..
أبتي! هل جنَيْتُ على أَحد عندما قُلْتُ إنِّي:
رأَيتُ أَحدَ عشرَ كوكبًا، والشَّمس والقمرَ، رأيتُهُم لي ساجدين؟

19‏/11‏/2010

وزراء داخلية الولايات الألمانية يطالبون بوقف ترحيل أطفال المهاجرين

خلال اجتماعهم في مدين هامبورغ الألمانية اليوم (18 نوفمبر/ تشرين الثاني) وغداً، طالب وزراء داخلية الولايات الألمانية بتعديلات على قانون الهجرة يشمل حظراً لترحيل المهاجرين الذين لم يبلغوا بعد السن القانوني، ولكن بشروط.

يتصدر موضوع المهاجرين صغار السنّ أجندة مؤتمر وزراء داخلية الولايات الألمانية، الذي يعقد اليوم وغداً 18+ 19 نوفمبر في مدينة هامبورغ، خصوصاً بعد أن صرحت وزيرة العدل الألمانية، زابينه لويتهويزر-شنارينبيرغر، بأن الأجانب الذين لم يبلغوا بعد السن القانوني يجب أن يتمتعوا بحماية القانون.


وأضافت شنارينبيرغر، في تصريحات لصحيفة "هامبورغر آبيندبلات": "نحن بحاجة ماسة إلى قانون إقامة واضح على المستوى الاتحادي"، مشددة على أن أطفال الأجانب المقيمين هنا بشكل مؤقت يجب أن يمنحوا إقامة دائمة بغض النظر عن الوضع القانوني لأولياء أمورهم.

ومن جهته يحاول وزير الداخلية بولاية هامبورغ، هاينو فالديك، تغيير قانون الإقامة الألماني، بحيث يمنح الأجانب الذين أثبتوا أنهم مندمجون في المجتمع الألماني بشكل جيد فرصة لإطالة إقامتهم في ألمانيا، موضحاً أن اقتراحه "ينبع من الاعتراف بجهود الأجانب الذين تمكنوا من الاندماج في مجتمعنا والنجاح فيه أيضاً... يجب أن يحصلوا على فرصة للبقاء هنا بشكل قانوني".

وإضافة إلى هذه التعديلات، يطالب الوزراء بتطبيق عقوبات أشد على المهاجرين الذين يرفضون الاندماج في ألمانيا، مثل خصم للمساعدات الاجتماعية أو ترحيلهم بشكل أسرع وكانت وزيرة العدل الألمانية قد انتقدت معاملةوأضافت الأطفال والشباب الأجانب بناء على "منفعتهم"، وشددت على أن "الدرجات التي يحصل عليها الأطفال في المدارس لا يجب أن تصبح عاملاً يقرر بقاءهم وبقاء عائلاتهم في البلاد من عدمه". وطالبت زابينه لويتهوزير-شنارينبيرغر الولايات الألمانية بتحسين العروض التي تقدمها لتحفيز الأجانب والمهاجرين على الاندماج.

يذكر أن القانون المقترح لوقف ترحيل الأطفال يمنحهم حق إقامة منفصل عن حق عائلاتهم، وأن هذا الحق يمكن سحبه في حالات استثنائية فقط، على سبيل مثال إذا قضوا فترة أقل من سنتين أو ثلاث سنوات في ألمانيا، أو لا يتكلمون الألمانية بشكل كاف.

بالإضافة إلى هذه النقاط يعطي القانون المقترح كل أفراد العائلة حق الإقامة في ألمانيا حتى بلوغ طفلهم – بشرط اندماجه الجيد في المجتمع – السن القانوني، لكن هذا الحق لا يمكن أن يمنح للعائلة دون سبب قوي بعد بلوغ الطفل السن القانوني.

وينصّ القانون الحالي في ألمانيا على ترحيل الأطفال والشباب تحت سن الثامنة عشر أيضاً، عندما تقوم السلطات بترحيل عائلاتهم، دون النظر إلى شعورهم بالانتماء إلى المجتمع الألماني أو الاندماج فيه، وهو ما تنتقده وزيرة العدل الألمانية بشدة.

آنيته راينرز/ ياسر أبو معيلق

مراجعة: حسن زنيند

18‏/11‏/2010

الأمم المتحدة : حوالى 300 الف كردي في سوريا محرومون من حقوق عديدة بينها الحق في الصحة

PDF تصدير لهيئة طباعة ارسال لصديق
18/11/2010

صرح مقرر الامم المتحدة للصحة اناند غروفر ان حوالى 300 الف كردي في سوريا محرومون من حقوق عديدة بينها الحق في الصحة. وقال غروفر في بيان مكتوب وزع بعد مؤتمر صحافي الاحد في دمشق انه يشعر "ببعض القلق ازاء وضع احدى المجموعات المستضعفة في سوريا التي يبلغ عددها حوالي 300 الف شخص من اصل كردي لانها محرومة من الكثير من الحقوق بما فيها الصحة".

واضاف "في واقع الامر تم اعتبار ما يفوق مئة الف شخص من اصل كردي على انهم اشخاص بلا جنسية وفقا لمرسوم 1962 ومنذ ذلك الحين وحتى الان تم حرمانهم من حقهم في التمتع بالكثير من الحقوق من بينها الحق في الصحة".

وتابع ان "الاكراد الذين لا يتمتعون بالجنسية والحاصلين على بطاقات حمراء ويعرفون بالاجانب يحصلون على الرعاية الصحية الا انهم لا يحصلون على العلاج الخاص بالامراض المزمنة".

اما "الاكراد الذين لا يتمتعون بالجنسية ولا يتوافر لديهم اي بطاقات هوية والمعروفين +المكتومون+ فيحصلون على رعاية صحية محدودة او لا يحصلون عليها على الاطلاق"، بحسب المقرر نفسه.

واكد المقرر اهمية "جمع البيانات المتعلقة بالمجموعات المستضعفة وتحليلها" من اجل كشف المشاكل المحددة لمعالجتها "على اساس غير تمييزي".

وكان الرئيس السوري بشار الاسد اعلن في 2007 ان اجراءات ملموسة ستتخذ لمنح الجنسية لاكراد سوريين حرموا منها.

ويبلغ عدد الاكراد السوريين نحو 5،1 مليون شخص ويشكلون نحو 9 بالمئة من عدد السكان.

ويطالب الاكراد بالاعتراف بلغتهم وثقافتهم وحقوقهم السياسية وينفون اي اهداف انفصالية لهم.


أ. ف. ب.



spacer

....... .......

advertisement.png, 0 kB
spacer
spacer


11‏/11‏/2010

مجلس النواب ينتخب الرئيس طالباني لمنصب رئاسة الجمهورية لولاية ثانية

انتخب اعضاء مجلس النواب العراقي في الجلسة التي عقدت، مساء اليوم الخميس 11/11، الرئيس جلال طالباني رئيساً للجمهورية لولاية ثانية.

وقد جرت عملية الانتخاب على منصب رئاسة الجمهورية بين المرشحين جلال طالباني وحسين الموسوي، حيث حصل الرئيس جلال طالباني على ( 195 ) صوتا وحسن الموسوي على ( 12 ) صوتاً.

وأعيدت جولة التصويت مرة ثانية لعدم حصول النصاب الكامل لأي من المرشحين، وفي الجول الثانية إنسحب حسن الموسوي، وحصل الرئيس طالباني على ( 195)صوتاً، وبهذا انتخب مام جلال رئيساً للجمهورية العراقية الفيدرالية لولاية ثانية.

بهذه المناسبة نقول ألف مبروك للشعب العراقي بكافة مكوناته, وللشعب الكردي بشكل خاص انتخاب الرئيس مام جلال الطالباني رئيسا للعراق الديمقراطي الفيدرالي.

08‏/11‏/2010

بيان حول اجتماع المجلس الوطني لإعلان دمشق في المهجر

27‏/10‏/2010

اعتصام برلين في ساحة 18 اذار







برلين بتاريخ، 2010.10.23

إعتصام برلين في يومه الرابع 2010.10.22 على ساحة 18 آذار عند بوابة براندنبورغ التاريخية

للتـنديد بالإضطهاد المطبق بحق شعبنا الكردي في سـوريا وإستنكارا للقمع والتنكيل بقيادة وكوادر وأعضاء حركتنا السياسية ومن أجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الكرد وغير الكرد من السجون وأقبية الأجهزة الأمنية وفي مقدمتهم السادة حسن صالح ومعروف ملا أحمد ومحمد مصطفى و من أجل الكشف عن مصير المعتقل تحسين خيري ممو
الذي انقطعت أخباره منذ ما يقارب السنتين ومن أجل الإقرار الدستوري بوجود وحقوق شعبنا الكردي في سوريا بدأ اليوم الرابع من الاعتصام (الجمعة 2010.10.22) في تمام الساعة العاشرة صباحا في مدينة برلين على ساحة 18 آذار عند بوابة براندنبورغ المجاورة للبرلمان الألماني بمشاركة حوالي 18 ناشطا
وكان مع المعتصمين الفنان الكردي راجال خليل الذي قام في مكان الإعتصام برسم صوربعض المعتقلين الكرد على القماش مما أثار إهتمام الكثير من المارة الذين توقفوا لمتابعة رسم اللوحة وقراءة اللافتات التي رفعها المعتصمون
وزار مكان الإعتصام وفد من قيادة هيئة العمل المشترك لمؤازرة المعتصمين ومساندتهم.
كما وزار مكان الإعتصام رئيس جمعية الشعوب المهددة السيد تيلمان زولش وتوقف مع المعتصمين ليناقشهم حول مطاليبهم وأعلن تأييده لمطاليبهم الديمقراطية.
كما وزار السيد ديتليف ف شتاين مدير مركز شرق أوروبا في برلين مكان الإعتصام وأعلن إهتمامه بالقضية التي يحتج من أجلها المعتصمون، معلنا أنه سيسعى لكسب الدعم والتأييد لمبادرتهم.
كما وزار المعتصمين الصحفي الكردي حسين دنيز من شمال كردستان وأجرى لقاءا مع المحتجين

30‏/09‏/2010


معد فياض

رئيس حكومة إقليم كردستان في مذكراته لـ«الشرق الأوسط»: من دون المكون السني تبقى المعادلة ناقصة

كيف لمسؤول حكومي بمنصب نائب رئيس وزراء العراق السابق، مثل برهم صالح، أن يعمل بلا صلاحيات محددة ومنصوص عليها قانونيا؟ كيف له أن يتحرك في مساحة وهمية؟ هذا ما يتحدث عنه في هذه الحلقة، مشخصا مسألة غاية في الأهمية تتعلق بمسألة الشراكة الحقيقية في الحكم، وأثرها على مجمل الأوضاع السياسية والأمنية في البلد، يقول: «لكن من دون المكون السني تبقى المعادلة ناقصة، وأحد أسباب الانهيار الأمني في الوضع العراقي هو غياب المشاركة السنية، ووجود قيادات حسبت خطأ على السنة مما أدى إلى وضع المكون السني العربي في زاوية حرجة وإبعادهم عن العمل السياسي وعدم مشاركتهم وقبولهم لهذا الوضع الجديد في البلد، الذي نتج عن سقوط النظام، وبغياب المكون العربي السني لا تكتمل المعادلة ولن يكتمل استقرار العراق، وما نعيشه من إرهاصات في الوضع الأمني والسياسي يعكس إلى حد كبير عدم مشاركة هذا المكون بشكل يضمن المشاركة الحقيقية للمكونات الحقيقية للشعب العراقي».


وبسؤاله عن الأسباب التي تدفع بالحزبين الكرديين اللذين يحملان الأفكار التقدمية للتحالف مع أحزاب راديكالية، إسلامية، طائفية، يقول صالح: «الحزبان الكرديان الرئيسيان من الأحزاب المدنية لكنها تجتمع في مشتركات مع الأحزاب الإسلامية الشيعية منذ المعارضة، وأيضا من حيث ضمان النظام الدستوري الجديد في العراق»، ويستدرك قائلا: «الأكراد سنة شوافع، والمجتمع الكردي يحترم الدين ولا خلاف في ذلك، ولكن ليست هناك طائفية سياسية في المجتمع الكردي، والمسألة الطائفية لا تؤثر في ذلك. نحن ننظر إلى الواقع العراقي من منظار سياسي، والقوى السياسية الكردية تبنت النظام الدستوري الاتحادي. والذين يشتركون معهم في هذا التوجه هم المتحالفون معهم، هناك قوى تريد إرجاع العراق إلى النظام الشمولي الاستبدادي»، مشددا على أن «الكرد لن يستطيعوا ولن يريدوا تقسيم العراق، فغالبية القيادات السياسية الكردية ترى مصلحتها ومصلحة الشعب الكردي ضمن عراق ديمقراطي اتحادي، لكن عرب العراق إن لم يحلوا مشكلاتهم فسوف تنجم مشكلات - لا قدر الله - قد تخلق حالات مؤسفة».
يعود برهم صالح في حكومة المالكي نائبا لرئيس الوزراء، لكنه هذه المرة نائب بلا صلاحيات محددة، يشغل منصبا عائما، له تعريف إعلامي أكثر مما هو سياسي، يقول: «هذه الحكومة (حكومة المالكي) بنيت على توازنات سياسية دقيقة، حيث برز الائتلاف العراقي كقوة سياسية أفرزت المالكي رئيسا للحكومة وكان هناك صراع قوي على كيفية توزيع الصلاحيات، ليس فقط مع المالكي وإنما مع التشكيلات السياسية الموجودة، وموضوع الصلاحيات لم يحسم، بل بقي إلى حد كبير محكوما بعلاقة رئيس الوزراء بنوابه أكثر مما هو الجانب القانوني المنظم في إطار الحكومة، كان مجلس الوزراء مبنيا على توازنات سياسية دقيقة وكان مكبلا بهذه التوازنات، وكانت هناك دائما شكوى من كيفية توزيع الصلاحيات من رئيس الوزراء إلى نوابه وإلى الوزراء، وكنا نتحمل وزر معادلة سياسية صعبة».
ويعبر عما كان يتمناه ويعمل من أجله، قائلا: «كنت أتمنى على هذه الحكومة التي كنت جزءا منها، أن تكون مبنية على أساس إشراك أوسع للآخرين في الجانبين السياسي والأمني، وألا تتحول إلى جزر سياسية منفصلة عن بعضها بسبب التجاذبات السياسية التي حصلت في هذه الحكومة». ويتحدث عن جزء من معاناته كمسؤول حكومي، ويشغل منصب نائب رئيس الحكومة العراقية من غير أن يتمتع بصلاحيات محددة ومكتوبة ومنصوص عليها قانونيا ويقول: «كنت دائما أكتب إلى رئيس الوزراء، نوري المالكي، وبعد أن ننجز موضوعا معينا (بناء على الصلاحيات غير الممنوحة لنا قررنا ما هو آت)، فإذا كانت القرارات مناسبة وجيدة يوافق عليها».
ويشدد صالح على أنه لم يتعامل طوال فترة إشغاله لمنصبه الحكومي الرفيع مع الأمور بصيغة سياسية بل بمهنية بحتة، يقول: «أرجو أن يشهد لي المالكي والوزراء بأنني لم أتعامل من منطلق سياسي، بل من منطلق مهني لخدمة الوطن ومن مشروع الحكومة لخدمة كل البلد، ولم أتردد في إبداء مواقفي له واختلفت مع المالكي في مواقف ليست بالقليلة وتقبل مني ذلك».
وعلى الرغم من عدم تمتع صالح بصلاحيات واضحة، فإنه أقدم على إنجازات مهمة، ويقول: «أنا كنت أتمنى أن أتمتع بصلاحيات أكبر ليتسنى لي تقديم خدمات أكثر للبلد وللعراقيين، لكن العمل السياسي لا يقاس هكذا فما توفرت لي من فرصة كانت فريدة حيث كنت في مركز الأحداث وفي مجلس الوزراء، ففي الحكومتين الأولى والثالثة كنت نائبا لرئيس الوزراء وتسلمت ملفات مهمة أتمنى أن أكون نجحت في مهامي»، منوها بأن «الطموح كان أكبر، لكن العمل السياسي في بلد كالعراق يكبلنا بمحددات ومقيدات».
ولم تحد كردية صالح من إخلاصه في عمله من أجل العراق ككل، ويوضح «حاولت أن أتجاوز ثنائية كوني كرديا وعراقيا في آن واحد، وكنت دائما أقول: أنا كردي وأعتز بكرديتي، لكنني مؤمن إيمانا عميقا بمشروع وطني عراقي ديمقراطي، ولم أجد أي انفصال في عملي لكوني كرديا أعمل في خدمة كردستان وفي ذات الوقت التفاني من أجل خدمة المشروع الوطني العراقي، إذ أرى فيهما مشروعين متلازمين ومتكاملين ولا انفصال أو تباين بينهما، وهذا ناتج عن قناعة فكرية مفادها أن العراق الديمقراطي الاتحادي هو الذي سيوفر للكرد ضمانات بعدم تكرار المآسي التي حصلت في الماضي وسيوفر الفرصة للكرد لحياة كريمة ومستقرة إلى جانب بقية أبناء الشعب العراقي، ومن هنا تتلازم مصالح أهالي السليمانية وأهالي البصرة، وأربيل والأنبار ودهوك والموصل، وبقية محافظات العراق حقيقة، ونحن نعيش مع إخواننا العرب في الوطن الواحد ولم أر في يوم من الأيام أي إشكالية في هذا الموضوع».
مع كل هذا، هناك من يرى أن برهم عمل لصالح إقليم كردستان من خلال موقعه في الحكومة الاتحادية ويعلق قائلا: «هذا التقييم متروك للمراقبين السياسيين وللجمهور. وكنت - وما زلت - أعتقد أن النظرة الشاملة الصحيحة هي أن خدمة إقليم كردستان لا تنفصل عن خدمة باقي المحافظات والأقاليم في العراق، إذ يفترض أن المشروع الوطني الديمقراطي الفيدرالي العراقي يوفر الغطاء لأي جهد حكومي أو برلماني وبالتالي فلا انفصام بين أجزاء هذه العملية السياسية سواء في بغداد أو في كردستان أو في البصرة. إنني مؤمن بالمشروع الوطني الديمقراطي العراقي وأعمل في سبيل إنجاحه أينما كنت، وهو السبيل لنهوض العراق، كل العراق، بكردستانه ووسطه وجنوبه. نهوض بغداد، نهوض لكردستان وحماية له، والعكس بالعكس، وإن شاء الله هناك من المنصفين من يشهد بأنني عملت وفق هذا المبدأ وبأمانة في أي ملف توليته».
ويكشف صالح، خلال مسؤوليته كنائب لرئيس الحكومة الاتحادية، عن لقائه الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في سجنه. لنتصور طبيعة هذا اللقاء بين الضحية والجلاد، فالشعب الكردي وعلى مدى ثلاثة عقود من حكم البعث في العراق، وتحت سلطة صدام حسين كان ضحية التسلط والتعسف وعانى من القتل والتهجير، بل إن صالح ذاته عانى من الاعتقال والتعذيب وكاد يفقد حياته، هنا، في هذا اللقاء سنرى كيف تعامل الضحية صالح مع جلاده، صدام حسين، بمشاعر إنسانية نبيلة على الرغم من أنه كان نائبا لرئيس حكومة تعامل غالبية أعضائها بروح ثأرية وانتقامية مع رئيس النظام السابق، ويقول صالح: «التقيت صدام حسين عندما كان سجينا لدى القوات الأميركية، ذهبت إليه في زنزانته في السجن عندما كنت نائبا لرئيس الوزراء في حكومة علاوي، وكان معي فلاح النقيب، وزير الداخلية الأسبق، كان اللقاء قصيرا، وأنا ذهبت في مهمة التأكد من الظروف الصحية والحياتية والقانونية التي يعيشها صدام، فعلى الرغم من موقفي المعارض له، وعلى الرغم مما قام به ضد الأكراد خاصة، والعراقيين عامة فإنه كان سجينا والواجب الأخلاقي والإنساني يفرض علينا الاطمئنان عليه، ولم يدر حديث طويل بيننا، سوى أنه تعرف على الأخ فلاح لأنه كان يعرف والده، فقال لفلاح: أنت شبت، كنت قد رأيتك صغيرا، فرد عليه النقيب قائلا: شبنا من وراكم (بسببكم)، ولم نرغب، لا فلاح ولا أنا، أن ندخل معه في حديث طويل، فقلت له نحن هنا ليس للجدال بل للاطمئنان على أن الإجراءات القانونية على ما يرام، وخرجنا»، موضحا أن «التشفي ليس من شيمنا وليس من أخلاقنا، وهذه أحد الفروق بيننا وبينه، حتى أنني لم أرد أن أشعره بأنه سجين وأسير ونحن الآن في موقع السلطة والقوة. وهذه هي المرة الأولى والأخيرة التي التقيت فيها صدام حسين».
وكان الموقف الأكثر، ربما، ألما بالنسبة لصالح هو لقاؤه أكثر الأشخاص الذين نكلوا بالأكراد، علي حسن المجيد، الذي لقب بـ(علي كيمياوي) جراء إعطائه الأوامر للقوات العراقية بقصف القرى الكردية بالأسلحة الكيمياوية، ومع ذلك لم يتصرف صالح إلا انطلاقا من مشاعره الإنسانية، يقول: «كما التقيت علي حسن المجيد وهاشم سلطان وبرزان التكريتي ومجموعة من أقطاب النظام السابق».
يصمت صالح قليلا، يسرح نظره بعيدا باتجاه الجبال التي تحيط بمدينة السليمانية، راح يتأمل، ربما راح يتذكر معتقله بكركوك، أو رصد عبر الزمن مدينة حلبجة غير البعيدة عن مركز السليمانية، تلك المدينة التي تم قصفها وتدميرها بالأسلحة الكيمياوية، ثم قال: «انتابني شعور غريب وأنا التقي صدام، فأنا كنت مسجونا في أحد سجونه وتعذبت، وهو ارتكب جرائم فظيعة بحق العراقيين من العرب والأكراد، خاصة في مجازر الأنفال وفي حلبجة، ولقي جزاء عادلا، لكن أملي أن هذا الجزاء لم يكن بدافع الانتقام، وكنت أتمنى أن تنفذ عقوبة الإعدام بشكل آخر وليس بطريقة تفهم على أنها انتقام وثأرية. هذا ما يهمني. وبرأيي أن طريقة وأسلوب إعدامه أساءت إلى ضحاياه، على الرغم من أن الغالبية العظمى من العراقيين تنفسوا الصعداء بسبب انتهاء النظام السابق»، من دون أن ينسى أن «السنوات الماضية، ومنذ سقوط نظام صدام حسين، كانت حافلة بالتحديات والمشكلات والمآسي، بل والكوارث أيضا، ولا أريد أن أستخف بما تحملناه وما تحمله الشعب العراقي خلال هذه السنوات من مشكلات، لكن لا يمكن أن نقارن آلامنا ومشكلاتنا خلال هذه السنوات بما عانيناه من كوارث ومآس واضطهاد وقمع ومقابر جماعية وأسلحة كيماوية وسياسة تمييز طائفي وقومي وإلى غير ذلك من الكوارث التي عانينا منها على مدى الـ(35) عاما، ويجب أن نقيم المرحلة كما هي وفي سياقها التاريخي الصحيح، لنا أن نتفق ونقر بانتكاسات ومشكلات خلال السنوات الماضية، لكن ما حدث في النهاية مهم جدا، بل وحدث كبير أعطانا الفرصة نحن العراقيين للتخلص من الاستبداد والشروع في بناء بلد آمن وعراق ديمقراطي آمن مع نفسه وآمن مع جيرانه إن شاء الله». ويشخص السياسي صالح حالة في غاية الأهمية، فليس المهم هو التخلص من نظام استبدادي وحسب، فالاستبداد يمكن أن يعود بأوجه مختلفة، ويقول: «في غياب الضمانات القانونية والدستورية والبرلمانية، أي شخص في أي موقع مسؤولية معرض إلى أن يتلوث بالاستبداد ويتعامل بالاستبداد، هناك مقولة مشهورة (السلطة تفسد، والسلطة المطلقة تفسد بالمطلق)، في غياب المساءلة، في غياب الرقابة وفي غياب الضمانات القانونية، الاستبداد وارد، فلذلك دعنا لا نقول: انتهى الاستبداد بصدام حسين، إن لم نعمل على ترسيخ مؤسسات الحكم الديمقراطي والرقابة البرلمانية واستقلالية القضاء واستقلالية الإعلام وحياديته، فمن الطبيعي أن نتصور ونتوقع أن يظهر الاستبداد مجددا في العراق، وإذا نظرنا إلى تاريخ هذا البلد فسنجد أن صدام حسين كان مستبدا من طراز مخيف واستثنائي، لكن هناك الكثير من النماذج الاستبدادية في تاريخنا، لا يمكن لنا، ونحن الذين عشنا مرحلة الاستبداد وعشنا مرحلة المقابر الجماعية والأسلحة الكيمياوية وحرب الإبادة، إلا أن يكون الهاجس الكبير أمامنا هو يجب ألا نتيح المجال أبدا لعودة الاستبداد، وهذا لن يتم من خلال الأمنيات والرؤى الطيبة فقط، وإنما نتمكن منه من خلال ترسيخ مؤسسات الحكم الديمقراطية ومؤسسات البرلمان وتمكين المواطن العراقي قانونيا ودستوريا من أداء دوره لكي يكون ضامنا ألا يرجع الاستبداد وألا يساء إلى إدارة بلده».
ويوضح صالح خللا مهما، مفاده أنه «كان هناك نوع من الاعتماد المفرد على ما ستقوم به الولايات المتحدة ليس فقط من حيث إسقاط النظام لكن من حيث إعادة البناء، وكان هذا خللا كبيرا وربما هذه التجربة وهذه السنوات التي مرت، فإذا ذهبنا إلى أصول المشكلة التي نعاني منها اليوم وهي غياب مشروع وطني عراقي قائم على أساس الإرادة العراقية، نعم التفاهم مع الولايات المتحدة، التواصل مع الأميركان، ومع البريطانيين، أو مع الأوروبيين بصورة عامة، ومع دول الجوار، ومع القوى الخارجية، كلها مهمة، نحن نعيش في عالم متداخل ومتشعب لكن غياب الرؤية العراقية المتفق عليها على الأقل في هامش وطني يستطيع أن يجمعنا، في تقديري كان مشكلة كبيرة ولا تزال».
وبكثير من الصراحة يتحدث صالح عن الخلافات بين الأكراد والحكومة المركزية (الفيدرالية) ببغداد، قائلا: «هناك تعقيدات في هذا المجال ولا شك أن موروثات من الشك والقرار المسبق تلقي بظلالها على الخلافات التي هي خلافات جدية تتعلق ببنية الدولة الاتحادية وبآليات التعاطي مع الدستور وتطبيقاته في ملفات الحدود الإدارية والثروة والشراكة السياسية. هناك إرث من الثقافة المركزية من العهود السابقة ينخر في مفاصل الدولة العراقية. نحن متفقون على أن يكون الدستور مرجعا للحل ويبقى هامش الاختلاف واردا بسبب تفسيرات الدستور وتطبيقه وبسبب اختلاف الأولويات. ولكن الحوار والتعاطي البناء هو السبيل الوحيدة لتنقية الأجواء ثم الوصول إلى حلول توافقية لا بد منها. وبعد فترة القطيعة فإن المعطيات الجديدة يمكن أن تشكل فرصة طيبة للتلاقي والحوار والوصول إلى حلول مشتركة. إن هناك من يروج لعداء كردي عربي كوسيلة للتغطية على مشاريع الاستئثار والإقصاء. الكرد ليسوا خطرا على العراق، الكرد هم بناة العراق الجديد، ولهم مصلحة حقيقية في بناء عراق قائم على أساس احترام الأكثرية والتوافق بين مكوناته».
ولا يتردد صالح في الإقرار بأن المسؤولية تضامنية في الإخفاقات والإنجازات، ويقول: «أنا كنت ضمن منظومة الحكومة الاتحادية. أعتقد أن المسؤولية تضامنية سواء لجهة المنجز أو لجهة الإخفاقات. هناك منجزات كثيرة تحققت يمكن أن تشكل قاعدة صلبة لإطلاق الجهود في الإصلاح والتطوير. كما هناك تحديات لا يستهان بها تواجهنا في الفترة المقبلة على الصعد كافة. الدرس البليغ من التجربة الحالية، أن العراق بحاجة إلى حكومة أكثر تجانسا وانسجاما ورفض المحاصصة، على الأقل في ما يتعلق بمفاصل خدمية واقتصادية حيوية. الانتخابات المقبلة ستكون حسما وأتمنى أن تؤدي إلى حكومة منسجمة ومتفقة على برنامج واضح وصريح لخدمة المواطن، حكومة ترفض نهج الاستئثار والإقصاء، وترفض أيضا هذا النمط من المحاصصة التي كانت أشبه بتقاسم السلطة الذي بات معرقلا للقرارات المطلوبة للتعاطي مع التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية».
ومع ذلك، يعبر صالح عن تفاؤله بقوله: «أرى المستقبل واعدا، ليس للعراق من خيار إلا أن ينجح، وأنا أقول إن إرهاصات السنوات السبع الماضية ومشكلاتها تملي علينا وتدفعنا باتجاه النجاح، لا يمكننا أن نقبل بالفشل على الرغم من أنها مليئة بالتحديات والمشكلات لكنني واثق أن مستقبل هذا البلد واعد وسيوفر للعراقيين وللمنطقة نموذجا جيدا إن شاء الله».
ولعل أبرز ما حققه صالح من خلال موقعه في الحكومة الاتحادية، هو إطلاق مبادرة العهد الدولي التي هي ميثاق للالتزامات المتبادلة بين العراق والمجتمع الدولي لمساعدة العراق في الإيفاء بالتزاماته في بناء عراق ديمقراطي اتحادي مزدهر آمن مع نفسه ومع محيطه الإقليمي والدولي، كما أن له مبادرات في رعاية ودعم الجامعات العراقية، خاصة من خلال تأسيسه ورعايته لمشروعي (واعدون) الذي يدعم الطلبة العرب في الجامعات العراقية ماديا ومعنويا، ومشروعه (هيوا)، ويعني بالكردية الأمل، الخاص بدعم طلبة الجامعات الكردية، وتوطيد علاقاته مع المثقفين العراقيين من خلال تأسيسه ورئاسته لهيئة أمناء الملتقى العراقي، كما تعود لجهوده، الفضل الأول والأخير في إعادة إعمار شارع المتنبي ببغداد بعد أن تم تدميره في حادث تفجير إرهابي فظيع أدى إلى مقتل العشرات وحرق مكتباته التاريخية وهدم أبنيته التراثية.



ويزيد، صالح، مستشهدا بأحداث واقعية، قائلا: «خلال زياراتي للمحافظات العراقية، إنصافا أقول، لم أشعر بأي تغيير أو أي شيء سوى أنني بين أهلي، ربما شعرت بأن بعض النخب السياسية العراقية تنظر إلى بعين الشك، كوني كرديا أو انفصاليا لأنني أتعاطى مع الملف الكردي، لكن عامة العراقيين احتضنوني وتعاملوا معي كأي عراقي ولم أشعر في يوم من الأيام بغربة في بغداد، بل أشعروني بأنني واحد منهم وأنا ممتن لهم».
برهم صالح الذي دشن حياته وعمله السياسي عراقيا في العاصمة بغداد، باعتباره نائبا لرئيس الحكومة الأسبق إياد علاوي، وأحب هذه المدينة وتفاعل معها، لم يكن في سنوات فتوته قد اكتشف جيدا هذه المدينة الكبيرة وتقاطعاتها، يقول: «كنا نذهب إلى بغداد مع العائلة في الإجازات إضافة إلى زياراتي إلى سجن أبو غريب ومتابعة بعض النشاطات الحزبية، مثلما ذكرت. لكن أول مرة ذهبت فيها إلى بغداد مع والدي ووالدتي كان عمري 12 سنة، وأتذكر أن والدتي أخذتني معها في مشوار تسوق في شارع النهر، سوق تقع بجانب الرصافة من بغداد مخصصة لبيع الملابس النسائية والمجوهرات، وكانت والدتي تدخل من محل إلى آخر وأنا أسألها متى نعود إلى الفندق حتى نتغدى»، وبمناسبة حديثه عن الطعام يتذكر مطعم «كهف الدجاج» الذي كان قرب الجندي المجهول السابق (ساحة الفردوس حاليا) وتنزهنا في متنزه الزوراء، ونادي مدينة الضباط في زيونة، متغزلا ببغداد بقوله: «بغداد مدينة كبيرة وجميلة وعاصمة رائعة، أنا أعشق نهرها، دجلة، وكنت أحب حدائقها ومتنزهاتها والمساحات الخضراء فيها، ولو أن هذه المساحات تعرضت خلال السنوات الأخيرة إلى انتكاسات كبيرة، بغداد مدينة جميلة بكل ما تعني الكلمة وخاصة معمارها القديم رائع جدا، لم أر عاصمة بجمالها أو لها قدرة على التطور مثلها. في السنوات الخمس التي أمضيتها ببغداد أعجبت بروح أهلها على المقاومة وحبهم لمدينتهم على الرغم من التفجيرات وانحسار الخدمات، هذا الحب الذي لم تجده في أي مدينة ولو تعرضت أي مدينة أخرى في العالم لما تعرض له البغداديون لتركوها، والأهم بالنسبة لي أن بغداد احتضنتني بحب ولم أشعر فيها بغربة ولو للحظة واحدة، وناسها طيبون للغاية».
ويضيف صالح قائلا: «على الرغم من أنني عشت في بغداد خلال فترة عصيبة، تفجيرات وأوضاع أمنية وسياسية صعبة وكانت المحددات الأمنية تمنعني من التجوال بحريتي في هذه المدينة التي أصبحت حزينة، فإنني كنت أتجول بين الناس وأتحدث معهم، فأنا أرى بغداد المدينة التاريخية الحضارية الرائعة، والأهم من هذا، عشت الجانب الإنساني لهذه المدينة القوية بأهلها، إذ لا أعتقد أن هناك مدينة يمكن أن تتحمل ما تحملته بغداد في التاريخ الراهن ومنذ العنف والاستبداد في زمن صدام مرورا بالحصار الاقتصادي ومن ثم الاستباحة التي عاشتها خلال وبعد سقوط النظام السابق والإرهاب الذي يضربها».
برهم صالح لم يكن غريبا عن الساحة السياسية العراقية، فهو وإن كان منشغلا بالوضع السياسي الكردي إلا أنه كان - وما زال - يعتبر أن هذا الانشغال هو جزء من الهم السياسي العراقي، يقول: «كنت منشغلا في الساحة السياسية العراقية منذ الثمانينات وذلك من خلال المعارضة، إذ كنت ناشطا في العمل الوطني العراقي، وحتى في كردستان كان الشأن العراقي هو شاغلنا، وبعد 2003 تعرف العراقيون علي بحكم عملي في الحكومة، ولا أدري إن كان ذلك ظهورا مفاجئا أم لا»، منبها إلى أن «المصاعب كانت كثيرة خلال عملي في بغداد، إذ لم يمر يوم إلا وعشنا فيه حالة من التحدي، تحدي الإرهاب والفساد المالي والإداري، كنا نعيش الأزمة تلو الأخرى، ومن أكثر أيامي صعوبة كان يوم تفجير المرقد العسكري في سامراء والأحداث التي تلتها، إذ كنت جزءا من الحكومة وشاهدت وعشت مجريات تلك الأيام الصعبة، شعرت في مرات متفرقة بحالة من اليأس بسبب النشاط الإرهابي وضعف الإمكانيات الأمنية، كانت أياما عصيبة»، مشخصا أن أصعب فترة عاشها في حكومات بغداد قائلا: «كانت أياما صعبة بالفعل، خاصة في حكومة علاوي حيث إمكانيات الدولة محدودة على الرغم من أننا كنا فريقا منسجما وجيدا جدا، وكنا نجتاز المحن بتضافر الجهود».
في عام 2009 خاض التحالف الكردستاني، الذي يضم الحزبين الكرديين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، والاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة جلال طالباني، رئيس جمهورية العراق، الانتخابات التشريعية في الإقليم، ورشح برهم صالح لرئاسة القائمة الانتخابية للتحالف، حيث عمل وقتذاك جاهدا لإقناع الناخبين ببرنامجه، أو برنامج القائمة الانتخابي، وزار من أجل ذلك قرى وقصبات ومدن كردستان، وتجول بين أسواقها ودخل بيوتها، محققا شعبية واسعة مكنت القائمة من الفوز بأغلبية مريحة، بينما حقق بارزاني فوزا كبيرا على منافسيه لرئاسة الإقليم.
يتحدث صالح عن هذه الانتخابات، قائلا: «الانتخابات التشريعية الأخيرة لإقليم كردستان شكلت نقطة تحول في التجربة الديمقراطية الكردستانية سواء من ناحية تفاصيل التنافس الانتخابي إلى البرامج والرؤى المختلفة للقوائم المتنافسة ومنها القائمة الكردستانية التي واجهتها تحديات تتعلق بالمحافظة على المكتسبات التي تحققت للأكراد والتي تم إنجازها على يد الحزبين الحليفين (الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني)، وطرح برنامج إصلاحي يتعهد بمعالجة مكامن الخلل في إدارة الإقليم ومحاربة الفساد وتحسين مستوى الخدمات»، موضحا أن «رؤية القائمة الكردستانية ركزت على أهمية المحافظة على المكتسبات وعدم إغفال الإخفاقات في مجال الفساد الإداري والتصدي المتعقل لها عن طريق حزمة تشريعات وقوانين ومراجعة الهياكل والسياقات الإدارية، وبغض النظر عن حجم توقعاتنا فإن تأييد 70 في المائة من الناخبين للسيد مسعود بارزاني ونسبة 59 في المائة للقائمة الكردستانية هو نجاح متميز في أي ديمقراطية حقيقية، وفي ظل تنافس محتدم مثل الذي جرى في كردستان. ونحن نفتخر بنجاح العملية الانتخابية وبالتطور الديمقراطي الذي أفضى إلى مثل هذا الجو الديمقراطي في التنافس بين القوائم المختلفة، مثلما نفتخر بفوزنا بها. فالمنجز الانتخابي وهذا التحول النوعي في الوضع الديمقراطي في الإقليم أهم من المكسب الحزبي. إن تقييمي يتلخص في أن الانتخابات أكدت تأييد الثقة بالحزبين مقرونة بمطالبة الناخب بإجراء إصلاحات سياسية وإدارية، ولا شك أن تشكيلة البرلمان الكردستاني الحالي مختلفة عن سابقاتها لوجود معارضة فيه. أملي أن تكون هذه المعارضة إيجابية وتتواصل معنا من أجل إنجاز الإصلاحات المنشودة».

---------

الحلقات السابقة:

(الحلقة الأولى)

(الحلقة الثانية)

(الحلقة الثالثة)

(الحلقة الرابعة)

(الحلقة الخامسة)


معد فياض

نائب رئيس الوزراء العراقي يروي مذكراته لـ«الشرق الأوسط»: طالباني مصدر قوتنا .. واختلفت معه كثيرا دون أن يفسد ذلك الود بيننا

يُكلف برهم صالح عام 1991 ومن قبل زعيم حزبه، الاتحاد الوطني الكردستاني، برئاسة حكومة كردستان في السليمانية في ظل أوضاع معقدة، حيث الاقتتال الداخلي بين حزبه والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والصراعات الداخلية بين أقطاب حزبه، وسيادة أوضاع اقتصادية صعبة، وهو القادم من أوروبا ولا ينتمي إلى ثقافة هذه الصراعات والمشكلات التي نشأت خلال دراسته وعمله في الخارج.


يتحدث عن الأوضاع التي كانت سائدة آنذاك، قائلا: «في ظل ظروف صعبة للغاية وشح الإمكانات المادية تمكنّا من إجراء إصلاحات مهمة، أبرزها تحسين حال الرواتب، وتوسيع الإعمار والبناء، وإنشاء مطار السليمانية ومشاريع كبيرة أخرى، وأنا أعتز بهذه الفترة على الرغم من مصاعبها، فإن خدمة الناس بالنسبة لي واجب مقدس».
وبينما كانت هناك شخصيات قيادية في كلا الحزبين المتقاتلين، أو المختلفين، تصب الزيت على نار الخلافات، وتمعن في إشعال نار الاقتتال، فإن صالح كان يجري على العكس من تيار تلك القيادات، ويناضل من أجل سلام كردستان حقنا لدماء شعبه بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، سواء كانوا من هذا الحزب أو ذاك، أو من هذه المدينة أو تلك، فأخذ مهمة رجل إطفاء الحرائق التي أشعلها غيره، أو التي اشتعلت في غيابه ولم يكن هو سببا في شحذ شرارتها. يوضح قائلا: «من أبرز ما عملت من أجله في هذه الفترة هي عملية التقريب بين الحزبين، وبقي الوضع هكذا حتى توحدت حكومتا إقليم كردستان سنة 2004 وبرئاسة أخي وصديقي نجيرفان بارزاني».
صالح تربى في بيت فاضل، وفي كنف قاضٍ عادل، ولم يتعلم القفز على منجزات الآخرين، ولا أن ينكر دعم قيادته له، وهو لن ينسى الفرص التاريخية التي أتاحها له زعيمه جلال طالباني الذي راهن على نجاح الشاب برهم، وكسب الرهان، وهو رهان نابع من تجربة سياسية وحياتية غنية يتمتع بها طالباني. يقول صالح: «أنا لا أنسى الدعم الكبير لي من قبل مام جلال، الذي يمثل إرثا كبيرا من التاريخ السياسي، وهو شخصية سياسية ووطنية كبيرة ومخلصة لكردستان والعراق، ومثابرته في عمله مثال يُحتذى، ومعنوياته العالية وفي أحلك الظروف كانت تعينه وتعيننا على مواصلة العمل وعدم التوقف عند المطبات الصعبة، وهو أهم مصادر قوتنا، إذ يمثل رمزا مهمّا وتاريخيا لنا ويتجاوز التعريفات السياسية التقليدية لأي سياسي».
ويكشف برهم صالح واحدة من أسرار ديمومة وقوة علاقته بزعيمه التاريخي جلال طالباني، يقول: «من أبرز نقاط تقاربي مع مام جلال هو أني أستطيع أن أقول له أنا لا أتفق معك عندما نختلف على مسألة من دون أن يفسد ذلك الود الذي بيننا، وهذا هو سر العلاقة التي أبقتني مقربا منه، وقد اختلفت معه في مواقف سياسية كثيرة ومعروفة وبقينا نعمل معا».
لم نألف في عالمنا العربي أو في منطقتنا زعيما سياسيا يتمتع بمنصب رئيس جمهورية أو رئيس وزراء يتخلى عن منصبه من أجل مصالح شعبه وبلده سوى المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب، الرئيس الأسبق للجمهورية السودانية، ورئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية، الذي تسلم السلطة في السودان أثناء انتفاضة أبريل (نيسان) عام 1985 بصفته أعلى قادة الجيش وبتنسيق مع قادة الانتفاضة من أحزاب ونقابات، ثم قام بتسليم السلطة للحكومة المنتخبة في العام التالي، فأصبح مثلا نادرا، وربما وحيدا في هذا المجال. لكن برهم صالح الساعي إلى توحيد حكومتي إقليم كردستان وجد في استقالته السبيل إلى تحقيق هذه الوحدة في وقت أصرت فيه قيادته الحزبية على بقائه في منصبه الذي كانت قيادات كثيرة في حزبه تتمنى نيله، ونعني رئاسة الوزراء، لكن هذا السياسي الشاب لم يكن يعنيه المنصب بقدر ما كان يهمه خير شعبه الكردي الذي عانى كثيرا من الاقتتال والحروب والانقسامات، فوجد في استقالته من منصبه كرئيس للوزراء الدرب الممهد لوحدة الشعب الكردي واستقراره. يقول: «طلبت من مام جلال إنهاء مهامي كرئيس لحكومة كردستان، السليمانية، على الرغم من إصراره (مام جلال) على بقائي، لكنني كنت من الداعمين لموضوع توحيد الإدارتين في السليمانية وأربيل، إذ لم يكن وجود حكومتين في الإقليم مسألة مبررة، ولم أكن أريد لنفسي أن أبقى في موقع يعرقل توحيد الحكومتين».
وحتى يعزز صالح موقفه بترك منصبه غادر إلى واشنطن حيث كانت والدته قد أدخلت المستشفى هناك، ولم يعطِ فرصة لمزيد من النقاشات والإغراءات في البقاء في السلطة. يقول: «بعدها ذهبت إلى واشنطن حيث كانت والدتي تخضع لعملية صعبة ومعقدة لاستئصال ورم في رأسها، وكنت قلقا عليها للغاية».
كان نظام صدام حسين قد سقط، وتمزق مثل ورقة تبعثر شتاتها في رياح احتلال القوات الأميركية للعراق، وكان حشد من العراقيين منشغلين، وبمساعدة القوات الأميركية، يوم التاسع من أبريل من عام 2003، بإسقاط تمثال الرئيس العراقي صدام حسين في ساحة الفردوس وسط العاصمة العراقية.
ويصف صالح هذا اليوم قائلا: «يوم التاسع من أبريل كان سقوط الصنم، سقوط نظام استبدادي تحكم في هذا البلد وارتكب جرائم فظيعة بحق هذا الشعب وبحق شعوب المنطقة، فلا يمكن أن يكون إلا نقطة انعطاف تاريخية مهمة في تاريخ العراق وفي تاريخ المنطقة. ما حدث من الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على رأس التحالف الدولي لتخليص العراق من نظام صدام حسين لا يجب أن ينظر إليها بحالة مجردة، إنما تسبق هذه الحرب عقود من النضال، من تضحيات جسام تقدم بها الشعب العراقي في مواجهة هذا الطغيان، وحاولنا كل ما حاولنا وقدمنا كل ما كان ممكنا تقديمه من ضحايا ومن جهود ومن إمكانيات من أجل التخلص من هذا النظام، مع الأسف لم نتمكن من التخلص من هذا النظام بقوانا الذاتية، كنا نتمنى أن يأتي إلينا الدعم العربي والدعم الإسلامي للتخلص من هذا النظام بدلا من أن نكون بحاجة أو نتطلع إلى حرب تقودها قوى خارجية، لكن حدث ما حدث، ولا يمكن لي إلا أن أرحب به لأنه بهذه الأحداث انتهى فصل مهم مأساوي كارثي من تاريخ العراق، وهذا لا يعني أن السنوات التي تلت هذه الحرب كانت مفروشة بالورود».
ويعتبر صالح أن تغيير نظام صدام حسين «كان تطورا وحدثا مهمّا وأعطانا الفرصة التاريخية للشروع في بناء عراق آمن، ينتهي فيه الاستبداد ولن يتكرر فيه الحكم الديكتاتوري»، مشددا على أن «إنهاء حكم صدام حسين، هو إنهاء لنظام المقابر الجماعية ونظام التمييز الطائفي والقومي، وهو انتصار كبير للعراق وانتصار كبير للمنطقة». ويعترف قائلا: «لكن يجب أن أقر في هذا السياق بأننا في المعارضة العراقية، التي قدمت الغالي والنفيس من أجل إسقاط هذا النظام، وتاريخ المعارضة تاريخ مشرف أيضا، لكنها (المعارضة) على الرغم من البيانات والإعلانات التي أطلقت في مؤتمراتها، فإنه لم يكن عندها مشروع بناء متكامل بسبب الإفرازات الطائفية والقومية التي جرت، مع الأسف، ويجب أن أقر أيضا بأن المشروع الوطني العراقي لم يكن متكاملا ولم يكن مترسخا. ربما هذه ظاهرة تاريخية طبيعية في مجريات الأمور، كنا منهمكين بمشاريع ومصالح فئوية وإيجاد توازنات قوة، لا قوة التوازن في هذا المجتمع وإنما توازنات مبنية على القوة النسبية لهذا الفريق مقابل الفريق الآخر، وأيضا ربما كانت المشكلة التي رافقت هذه الأوضاع هي التغيير الذي حدث في اللحظة الأخيرة من خلال القوة الأجنبية. أنا أتحدث عن السياق التاريخي. المعارضة كانت منهمكة في النضال ضد صدام حسين في داخل العراق وفي المنطقة، والقرار الأميركي للتخلص من صدام حسين جاء في السنة الأخيرة أو قبل ذلك بسنتين».
يعود صالح إلى تسلسل الأحداث، إذ كان منشغلا بترقب مجريات العملية الجراحية التي أجريت لوالدته بنجاح، يقول: «وبعد خروج والدتي من صالة العمليات رن هاتفي الجوال، إذ أبلغوني عبره ومن السليمانية بأنني مرشح لمنصب وزير الخارجية في حكومة الدكتور إياد علاوي».
لم يكن صالح منشغلا بمسألة المنصب وترشيحه لوزارة الخارجية أو غيرها من المواقع، فالانشغال الأكبر والأهم وقتذاك كان يتعلق بصحة والدته، الأقرب إلى روحه، ثم تواترت الاتصالات من مدينة السليمانية، «حيث أبلغوني بأن مام جلال يطلب مني أن أكلمه عبر الهاتف، وبالفعل اتصلت به، لا أتذكر إن كان هو وقتذاك في السليمانية أو في بغداد، وهذا بعد سقوط نظام صدام حسين. فقال لي: برهم، أريدك أن تعود لأنك مرشح لمنصب نائب رئيس الوزراء العراقي. قلت له إنني باق مع والدتي الآن بعد العملية، وأنا لا أفضل العمل في هذا المنصب، فقال لي: أنت الآن مشغول مع والدتك، وعندما تطمئن عليها نتحدث ثانية».
بعد أن استقر الوضع الصحي لوالدته، عاد ليتصل بجلال طالباني، زعيم حزبه. يتذكر قائلا: «تحدثنا بعد ذلك عبر الهاتف من واشنطن حول نفس الموضوع، وشرحت لمام جلال أسباب رفضي للمنصب المعروض علي، وقلت: أنا كنت رئيس حكومة وكان عندي نائب رئيس حكومة وأعرف معاناة من يكون في هذا المنصب، فضحك وقال: الآن الله سبحانه كتب عليك أن تعيش هذه المعاناة. ثم طلب مني العودة إلى السليمانية، وقال: إن وجودك مهم الآن في العراق. وعدت بالفعل عن طريق تركيا، وعندما وصلت إلى السليمانية اتصل بي الأخ علاوي وطلب مني أن أعمل معه كنائب لرئيس الوزراء».
عانى الأكراد، عامة، طويلا من عقدة الرجل الثاني، المواطن من الدرجة الثانية، أما السياسي الكردي فقد عانى من عقدة النائب، وهذا بالضبط ما دعا صالح للاعتذار عن عدم قبوله منصب نائب رئيس الوزراء في أول حكومة يشكلها علاوي بعد تغيير نظام صدام حسين، يقول: «كتبت رسالة إلى الدكتور إياد علاوي، قلت له فيها إن لدى الكرد عقدة النائب، وأنا لا أريد أن أكرس هذه التجربة، وغير مستعد لها، كما أبلغه مام جلال برأيي، فقال علاوي لطالباني: أنا أعرف من هو الاتحاد الوطني الكردستاني، وأعرف جلال طالباني كما أعرف برهم صالح، وأنا أريده معي».
حدث ذلك من دون أن تكون هناك علاقة قوية مسبقة بين علاوي وصالح، ما عدا لقاءات واجتماعات متباعدة خلال سنوات المعارضة، يوضح صالح قائلا: «أنا كنت أعرف الأخ علاوي في المعارضة، ولم نكن قريبين أو لم تربطنا علاقة قوية، وكنت أعرف توجهاته وأكنّ له الكثير من التقدير والاحترام».
لم تنفع اعتذارات صالح لعلاوي عن رفض منصب رئيس الوزراء، فترشيحه لم يكن حسب توصية أو أجندة خارجية، وإنما جاء بمحض إرادة رئيس الحكومة وقتذاك، وعلاوي وإن لم يكن قد التقى في السابق بصالح فإنه كان يراقبه ويتتبع نشاطاته عن كثب، ثم إن هناك أكثر من مشترك يجمع بين الاثنين، فكلاهما تخرج من الجامعات البريطانية وحصل على شهادات أكاديمية عليا في المجال العلمي، علاوي درس الطب وتخصص صالح بالهندسة، وهما ينحدران من عائلات عريقة وينتميان إلى مدن حضارية، بغداد والسليمانية، فعلاوي ابن طبيب كبير ومعروف وكان مديرا عاما للصحة، وصالح نجل قاضٍ كبير ومعروف أيضا، والاثنان خاضا نضالا شاقا ضد نظام صدام حسين، وهما يتمتعان بشخصيتين قويتين لا تنحنيان للمصاعب أو لإرادة الآخرين، لهذا أصر علاوي على ترشيحه لصالح بأن يكون نائبا لرئيس وزراء العراق. يقول صالح: «اتصل بي علاوي وطلب مني أن أقابله في بغداد، والتقينا وشرحت له فكرتي مرة ثانية، فقال: أنت لن تكون نائب رئيس وزراء بلا صلاحيات أو إمكانيات، بل على العكس من ذلك. فقلت له: إن مهمتك صعبة في هذه الظروف، وأنا لا أريد إحراجك، كما أنك لا تريد إحراجي، وأريد أن أعرف طبيعة صلاحياتي والمهمة التي سأكلف بها، خصوصا وأن هذه أول حكومة عراقية بعد تغيير النظام. وعدت إلى السليمانية في انتظار إجابته».
لم تطُل فترة انتظار صالح للرد على مقترحاته لقبول المنصب، وحسبما يوضح: «تفضل الدكتور علاوي وبكرم بالغ وكتب لي رسالة أخوية كلفني خلالها كنائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن القومي، ثم عاد وقال: ليس هناك نائب للأمن القومي، بل ستتكفل بملفات اقتصادية وخدمية وإعادة الإعمار إلى جانب مساعدتي في ملف الأمن القومي. وذهبت إلى بغداد لاستكشاف الأوضاع هناك، فهذه هي المرة الأولى التي أعمل بها هناك وعلى مستوى العراق، وكان علاوي كريما معي، تعامل كأخ كبير وكنت محط ثقته، إذ خولني صلاحيات كبيرة ومهمة وعملنا كفريق واحد في فترة عصيبة جدا، حيث الأوضاع الاقتصادية سيئة ولا يوجد في البلد أي قوات عسكرية أو أمنية».
وجد صالح نفسه أمام اختبار صعب للغاية، هو امتحان حقيقي لإمكانياته السياسية والإدارية، فهو لم يخُض مثل هذه التجربة، وكل رصيده في العمل الإداري السياسي هو إدارة حكومة السليمانية لا حكومة الإقليم ككل، وإذا كان قد نجح في تجربته أو امتحانه الأول فإن إمكانيات النجاح كنائب لرئيس وزراء العراق كله، بجنوبه وشماله وشرقه وغربه، بعربه وأكراده وتركمانه وسنته وشيعته، ومسيحييه ومندائييه ويزيدييه، يعد حقيقة اختبارا معقدا، من غير أن ننسى أنه كردي، وسيحكم من بغداد التي هي قلب العراق كله، وفي حكومة غالبيتها العظمى من العرب، وفوق هذا وذاك هو في بغداد للمرة الأولى منذ سنوات طفولته، أو فتوته، كما أن الحكومة التي سيساعد رئيسها في قيادتها هي الأولى بعد سقوط نظام شمولي حكم بقوة الحديد والدم لأكثر من 35 عاما، وهم اليوم في طور التأسيس وبناء نظام ديمقراطي جديد غريب عن العادات والتقاليد السياسية والاجتماعية العراقية.
لكن شخصية مثل برهم صالح غير قابلة للانسحاب، بل تستفزه التحديات الكبيرة، وهذا ما طبع تصرفاته وتربيته منذ سنواته الأولى مع تجربته الدراسية والسياسية والمهنية. يقول: «كانت المهمات والظروف تختلف تماما عن ظروف العمل في كردستان، فالعمل مع رئيس حكومة العراق كله في تلك الظروف الحرجة كان يعني بالنسبة لي تحديا كبيرا، حيث كان يزور بغداد وزراء خارجية ووزراء الدفاع الأميركان والبريطانيين وغيرهم من الدول الغربية، ونحن كنا في طور بناء نظام سياسي جديد، لكن كنا نعمل كفريق سياسي قوي ومتماسك، ووجدت نفسي ضمن هذه المهمات الصعبة ومساهما بارزا في إنجازها، وأستطيع القول إني شعرت بثقة كبيرة في العمل وبدعم كبير من الأخ علاوي».


برهم صالح يتحدث في اجتماع لكبار القادة السياسيين العراقيين بحضور السفير الأميركي السابق رايان كروكر («الشرق الأوسط»)


كانت واحدة من أبرز العقبات والمشكلات التي واجهت حكومة علاوي، وستبقى تواجه الحكومات القادمة وعموم المجتمع العراقي، هي تركات نظام صدام حسين، والإرث الخرب الذي تركه هذا النظام للعراقيين، ويشخص صالح هذه المعضلة قائلا: «الكثير من المشكلات التي نعاني منها اليوم هي من إفرازات الوضع السابق، نحن لم نقدر بما فيه الكفاية تغلغل مفاهيم الاستبداد ونظام الاستبداد في أحشاء هذا المجتمع وفي عمق هذا الوضع، كان هناك كثير من التصورات بأنه بالتخلص من نظام صدام حسين ستنتهي مشكلات العراق ونعود إلى ما نريد ونذهب إلى ما نريده من أمن واستقرار وازدهار، واقع الأمر هو خمس وثلاثون سنة من الاستبداد وما صاحب ذلك من اختلافات وتشويهات لهذا المجتمع، وما رافق ذلك من تهديم وتدمير للبنية التحتية الثقافية والسياسية والإدارية والقانونية والتعليمية. وإذا شخصنا أي مفصل من مفاصل الحياة في هذا المجتمع سنرى فيه دمارا كبيرا لحق به بسبب سياسات الاستبداد، وبسبب سوء الإدارة، وبسبب الفساد، وبسبب الحروب، وبسبب الحصار، وبسبب العزلة التي عانى منها العراق خلال هذه السنوات الطويلة، وبسبب سياسة التمييز الطائفي والقومي التي مارسها النظام السابق وبصورة منهجية، لذلك فإن الكثير من مشكلات اليوم لا يمكننا إلا أن نؤكد على أنها موروثة من عهود الاستبداد، ولكن كلما طالت بنا الفترة من ذلك اليوم، يزداد اللوم علينا نحن القائمين على الأمر العراقي».
يضاف إلى كل هذا الموروث الذي شخصه صالح، فإنه يكشف عن أن «حكومة الدكتور علاوي كانت قد جابهت تحديات كبيرة، إذ ورثنا دولة مهدمة بلا جيش أو شرطة وبلا مؤسسات وبلا دستور، كان هناك قانون إدارة الدولة الذي وضعه بول بريمر، الحاكم الأميركي المدني على العراق وقتذاك، والمشكلة الكبرى كانت الخط الفاصل بين الإدارة الأميركية والحكومة الوليدة ذات السيادة، وكنا مطالبين دائما بإثبات أن هذه حكومة ذات سيادة وليست حكومة احتلال، أو أنها حكومة تابعة لإدارة الاحتلال».
هذه المصاعب لم تدفع السياسي العراقي الكردي الشاب إلى التراجع أو الانسحاب، بل على العكس تماما، حفزت فيه روح التحدي والإصرار على الرغم من التعقيدات الموضوعية التي كانت تحيط به ويشعر بها. يقول: «أنا من النوع الذي لا يستسلم أو يعجز بسهولة، فعندما أعمل على أمر أثابر عليه بلا كلل حتى أحققه، حتى إن بعض الإخوة يقولون لي إن أفضل الأوقات في أدائي هو وقت الأزمات وليس وقت الراحة».
ويصف تجربته في العمل مع علاوي قائلا: «هذه التجربة صقلت فيّ مهارات إدارة متناقضات مختلفة في بغداد، فأنا كردي في محيط عربي أعمل مع الآخرين على بناء دولة جديدة ليس فيها مظاهر التمييز الطائفي والقومي، وأنا أعتز بتلك التجربة وآمل أني قدمت إنجازا في هذه التجربة لبناء عراق نريده أن يكون فاعلا».
وجد صالح نفسه في حكومة علاوي، شعر بقيمة وأهمية الإنجازات التي يسهر ويجد من أجلها، ذلك أن هذه الحكومة تميزت عن الحكومات التي ستلحق بها بأنها بعيدة عن المحاصصات والفئوية، بل كانت حكومة تأسيس وبناء بلد وضع توا على سكة الديمقراطية. يوضح صالح ذلك بقوله: «حكومة علاوي كان عمرها قصيرا ونجحت في التهيئة للانتخابات، وتميزت بأنها لم تخضع للمحاصصة الطائفية بالشكل الذي رأيناه وعشناه في ما بعد، إذ إن غالبية وزرائها كانوا من التكنوقراط، كما أنها كانت تضم أطرافا سياسية مهمة، وتوالي الانتخابات التي جرت في تلك الفترة خلق نوع من الاستقطابات التي صعبت العمل السياسي في العراق، ولو كانت هناك حكومة مؤقتة على غرار حكومة علاوي لعملت على استتباب الأمن والوضع السياسي بصورة أفضل من إجراء انتخابات متتالية في ظروف لم تستقر فيها الأوضاع السياسية».
هل كان من سوء حظ العراق والعراقيين أن لا تستمر حكومة علاوي التي كانت تضم فريقا ناجحا ومتطورا من الوزراء المتخصصين والناجحين باعتراف غالبية السياسيين والمراقبين العراقيين وغير العراقيين؟ بعد أقل من عام تغيرت الحكومة، ومعها تغيرت المناصب ضمن لعبة الكراسي السياسية، وكان على صالح أن يخدم بلده وشعبه ضمن أي موقع يجده مناسبا ومفيدا للعراق الجديد، وكان أن تم ترشيحه وزيرا للخارجية، لكن توازنات الأحزاب والتوافقات السياسية وضعته في مكان آخر يتناسب مع اختصاصاته الأكاديمية والمهنية. يقول: «في حكومة إبراهيم الجعفري (وهي الحكومة التي تلت حكومة علاوي بعد فوز الائتلاف العراقي، الشيعي، في الانتخابات) تبوأ مام جلال منصب رئيس الجمهورية فتم منح منصب نائب رئيس الوزراء للحزب الديمقراطي الكردستاني وصار روش نوري شاويس بهذا المنصب، وأنا تسلمت حقيبة وزارة التخطيط، والأخ هوشيار زيباري وزيرا للخارجية، وهو من الوزراء الأكفاء ونجح في عمله».
لا يتأخر صالح طويلا في أداء مهامه في مهمته الجديدة، ولن يقف متأملا موضوع المناصب ولعبة التوازنات والمحاصصات التي رافقت تشكيل حكومة الجعفري. يوضح قائلا: «خلال عملي كوزير للتخطيط عملنا بجد، وانشغلنا بمشروع إجراء إحصاء سكاني عام في العراق، ووضعنا ورقة العمل والخطط وحددنا الميزانية، وكان الأخ مهدي العلاق، مدير الإحصاء في الوزارة، قد عمل بجهد لتحقيق ذلك، لكن حكومة الجعفري كان عمرها عاما واحدا، وفي حكومة (نوري) المالكي (رئيس الوزراء الحالي) تواصل العمل في هذا الاتجاه، لكن دخول عوارض سياسية وأمنية منع من إجراء الإحصاء العام».
في الانتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر (كانون الأول) 2005 خرج المشروع الوطني العلماني الذي قاده الدكتور إياد علاوي، ومثلته القائمة العراقية، خاسرا، إذ فاز الائتلاف العراقي الشيعي بأغلبية مريحة بعد أن لقي دعم المرجعية الشيعية في النجف ودعما إيرانيا واضحا، كما لم يحصل العرب السنة على مقاعد تمكنهم من أن يكونوا مؤثرين سواء في تشكيل الحكومة أو في البرلمان على الرغم من إسناد رئاسة مجلس النواب لهم.
كانت القائمة العراقية تنبذ المحاصصة وتعمل بعيدا عن الاستقطابات الطائفية والقومية، أما التحالف الكردستاني الذي جمع بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وخاض الانتخابات تحت هذه التسمية (التحالف)، فقد اهتم بالتأكيد على الشأن الكردي خاصة والعراقي عامة، وتحالف مع الائتلاف العراقي الموحد لتشكيل الحكومة التي تأخر جمع حبات مسبحتها لمشكلات أثارها الجعفري، رئيس الحكومة السابقة، إذ رفض التنازل عن منصبه، لكن الحوارات بين الأطراف السياسية تمكنت من إقناع الجعفري بالتنازل لمساعده الحزبي وقتذاك، المالكي، واستمرت العلاقة المتطورة بين الأكراد والشيعة بينما انسحب التيار العلماني الوطني، علاوي، من العملية السياسية ومن الحكومة. وهكذا جاءت حكومة المالكي شيعية كردية أكثر مما هي حكومة وحدة وطنية أو شراكة وطنية، إذ همش المكون السني وأبعد الاتجاه العلماني.
يتحدث صالح عن هذه المرحلة قائلا: «هناك أبعاد مختلفة في التحالف الكردي الشيعي، منها أن القوى الأساسية التي كانت تحارب النظام السابق هي الأكراد والشيعة، وبالذات الأحزاب الشيعية الإسلامية، وهذا التحالف نشأ منذ ذلك الوقت، فالنظام السابق كان يمارس سياسة الاضطهاد القومي ضد الكرد والطائفي ضد الشيعة، مما أدى إلى استقطابات طائفية»، مضيفا أن «التحالف الكردي الشيعي بلا شك صار يمثل الصبغة السياسية للنظام الجديد في العراق، على الأقل خلال السنوات الماضية».